بوابة سوريا

معالم طرطوس الأثرية: قصر تحوف نموذج للفن المعماري القديم

كان قصر تحوف واحدًا من أبرز الأبنية التاريخية التي عرفت بها مدينة بانياس على الساحل السوري، إذ مثّل نموذجًا للعمارة العثمانية التي ازدهرت في المنطقة خلال أواخر القرن التاسع عشر.

وبفضل موقعه المطل على الكورنيش البحري وتصميمه المميز شكّل القصر معلمًا عمرانيًا واجتماعيًا ارتبط بذاكرة سكان المدينة وزوارها.

ومع أنه لم يعد قائمًا اليوم بعد هدمه عام 2009، إلا أن تاريخه يظل حاضرًا بوصفه جزءًا من التراث المفقود الذي يذكّر بأهمية حماية الأبنية التاريخية وصون الهوية العمرانية للمدن السورية.

الموقع الجغرافي لـ قصر تحوف

يقع قصر تحوف المعروف أيضًا باسم “القصر الفرنسي” على الواجهة البحرية لمدينة بانياس في محافظة طرطوس، حيث كان القصر مشيَّدًا على امتداد الكورنيش الساحلي للمدينة مقابل البحر الأبيض المتوسط، وبالقرب من جامع البحر الذي يُعد من أبرز معالم المنطقة الدينية والعمرانية.

ومن الناحية الإدارية سُجِّل القصر ضمن العقار رقم 253 في منطقة بانياس العقارية، ما يوضح موقعه الرسمي في سجلات مجلس المدينة، وقد منح هذا الموقع القصر قيمة استثنائية إذ جمع بين الإطلالة البحرية المباشرة والمكانة العمرانية داخل النسيج التاريخي لبانياس

مدينة بانياس

اقرأ أيضًا: ساحة باب الفرج وساعتها الشهيرة: تاريخ وهوية.

النشأة والطابع التاريخي لـ قصر تحوف

يعود تاريخ قصر تحوف إلى الحقبة العثمانية المتأخرة، إذ شُيّد قبل أكثر من مئة عام في مدينة بانياس الساحلية ليكون واحدًا من أبرز مبانيها ذات الطابع المعماري المميز.

كما نُسب القصر إلى عائلة تحوف التي امتلكته في البداية وتوارثه الأبناء والأحفاد عبر العقود قبل أن تنتقل ملكيته لاحقًا إلى عائلات أخرى من المدينة أبرزها آل الأعسر، وقد ارتبط القصر خلال تاريخه بالحياة الاجتماعية والسياسية في بانياس، حيث استُخدم لاستقبال الضيوف من وجهاء المنطقة والزوار الرسميين وهو ما أكسبه مكانة بارزة في الذاكرة المحلية.

ومع مرور الزمن، أصبح القصر واحدًا من أهم شواهد العمارة العثمانية على الساحل السوري حتى صدور قرار بهدمه في عام 2009، الأمر الذي حوّل تاريخه من معلم قائم إلى رمز مفقود للتراث المعماري للمدينة.

بانياس

اقرأ أيضًا: قلعة القوز في بانياس: شاهد حي على الحضارات القديمة في الساحل السوري

الوصف المعماري لـ قصر تحوف

تميّز قصر تحوف بطراز معماري يعكس ملامح العمارة العثمانية التي انتشرت في مدن الساحل السوري خلال القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين.

فكان القصر مؤلفًا من طابقين رئيسيين خُصّص الأول لاستقبال الضيوف والشخصيات الرسمية، بينما استُخدم الطابق الثاني لإقامة العائلة المالكة للقصر.

وبُنيت جدرانه من الحجر المحلي المميز بلونه الرملي وأُقيم سقفه باستخدام الخشب والقرميد الأحمر بما يتوافق مع الطراز العثماني السائد آنذاك، كما تخللت البناء نوافذ كبيرة وأبواب مقوسة سمحت بدخول الضوء والهواء من البحر، فيما أضيف في مرحلة لاحقة درج جانبي خارجي يربط الطابقين ويعزز سهولة الحركة بينهما.

وقد منحت هذه العناصر القصر طابعًا عمرانيًا فريدًا جعله واحدًا من أرقى المباني التقليدية في بانياس ومقصدًا للعديد من الشخصيات البارزة التي مرّت بالمدينة في تلك الفترة.

بالاضافه الى تفاصيل فنية دقيقة مثل سماكة بلاط أرضية معينة وجود جسور حديدية بمواصفات محددة أو لائحة تضمّ زوّارًا محدّدين كأسماء رؤساء أو أفراد أسر حاكمة، فهذه تُردّ في بعض الروايات أو مجموعات مقالة لكنها تظل غير مؤكدة بأدلة أرشيفية مفتوحة.

ومن الجدير بالذكر أنه أوصي بعدم اعتماد هذه التفاصيل ما لم تُقدّم سجلات بلدية أو صورًا أرشيفية أو توثيقًا من مختصّي آثار محليين.

وفي أيار/مايو 2009 صدرت رخصة هدم من مجلس مدينة بانياس وسُجّل أن عمليات الهدم تمت في شهر أيار 2009، وقد أثار التنفيذ المفاجئ احتجاجات محلية واعتراضات من المديرية العامة للآثار والمتاحف وشعبة آثار بانياس.

مدينة بانياس

ختامًا، على الرغم من أن قصر تحوف قد هُدم بالكامل في عام 2009 إلا أن قصته تظل شاهدًا حيًا على التراث المعماري العثماني في مدينة بانياس.

لقد أبرزت حادثة الهدم مدى التحديات التي تواجه الأبنية التاريخية في ظل التطور العمراني السريع وأكدت أهمية تفعيل القوانين والتشريعات لحماية التراث الثقافي والمعماري.

حيث يظل القصر في ذاكرة المدينة رمزًا لقيمتها التاريخية والمعمارية، ودليلًا على الدور الذي يمكن أن تلعبه الأبنية التاريخية في تعزيز الهوية المحلية مما يجعل الحفاظ على ما تبقى من التراث العمراني ضرورة ملحة للأجيال القادمة.

السابق
وحي القلم.. نفحات الأدب وروح البيان
التالي
جامع العادلية في حلب: معمار يروي ذاكرة خمسة قرون