بوابة سوريا

مصيف بلودان… الوجهة المثالية لعشاق الطبيعة والتاريخ

مصيف بلودان

مصيف بلودان، هذه البلدة الجبلية الساحرة التي تُعد من أجمل الوجهات السياحية التي يقصدها الزوّار للهروب من صخب المدن واكتشاف روعة الطبيعة، بطبيعتها الخلابة وهوائها العليل وموقعها المميز على ارتفاع أكثر من 1550 متر عن سطح البحر، تجمع بلودان بين سحر الجبال ودفء الضيافة، مما يجعلها نقطة جذب لا تُقاوم لعشاق الاصطياف والهدوء، أكمل في قراءة مقالنا لتكتشف سحر هذه المنطقة أكثر.

الموقع الجغرافي والمناخ

يبعد مصيف بلودان حوالي 51 كيلومترًا عن العاصمة دمشق، ويُطل من علو يبلغ نحو 1550 متر فوق سطح البحر، ما يمنحه طقسًا لطيفًا في الصيف وباردًا في الشتاء، وتُعرف هذه البلدة بجمالها الطبيعي الأخّاذ، ما جعلها واحدة من أشهر المصايف السورية وأكثرها استقطابًا للزوار على مدار العام، حيث تتربع على هضبة تُشرف على منطقة سرغايا وسهل الزبداني المعروف ببساتينه وأشجاره المثمرة، وتجاور بلدة مضايا.

ويُحيط بمصيف بلودان مجموعة من الجبال البارزة، مثل جبل الشقيف (المعروف أيضًا بالشرقي)، عين النسور الذي يرتفع إلى 2216 متر عن سطح البحر، وأبو الحن الذي يصل إرتفاعه إلى 2360 متر.

ويكون الطقس في مصيف بلودان صيفًا معتدل ومنعش، حيث تتراوح درجات الحرارة غالبًا بين 20 و28 درجة مئوية نهارًا، وتنخفض ليلًا لتصبح أجواءها مثالية للهروب من حرّ المدن، كما يكون الجو خالٍ تقريبًا من الرطوبة.

ويتحول مصيف بلودان إلى وجهة شتوية بامتياز، حيث تتساقط الثلوج بكثافة وتغطي البلدة بالكامل، خصوصًا بين شهري كانون الأول وشباط، حيث تصل درجات الحرارة إلى ما دون الصفر، وتُغلق بعض الطرق المؤدية إليها بسبب تراكم الثلوج.

مصيف بلودان

اقرأ أيضًا: اكتشف سحر السياحة في مصيف مشتى الحلو: درة المصايف السورية

أصل تسمية بلودان

يُرجع أصل تسمية بلودان إلى اللغة الآرامية، حيث يُعتقد أن الاسم مشتق من عبارتي “بيل دان”، والتي تعني “مكان الإله بعل”، ومن جهة أخرى، نظرًا لانتشار أشجار اللوز بكثرة في المنطقة، تم تسميتها أيضًا بـ”بلد اللوز”.

ومن الجدير بالذكر أن اللغة الآرامية كانت منتشرة في تلك المنطقة بشكل كبير خلال العصور القديمة، وتعني هذه الكلمة في اللغة الآرامية إلى “مكان البلدة العالية” أو “المنطقة العالية” ولربما كانت تعكس الموقع الجغرافي للمدينة حيث أنها كما نوهنا في الأعلى تقع على ارتفاع 1550م عن سطح البحر.

مصيف بلودان

اقرأ أيضًا: السياحة في الكفرون: جنة المصايف الجبلية في سوريا

تاريخ مصيف بلودان

تُعتبر بلدة ومصيف بلودان التي تتربّع شمال غرب العاصمة دمشق، واحدة من أعرق المصايف في سوريا، إذ يمتد تاريخها إلى الحقبة الرومانية، وهو ما تؤكده النقوش والرسومات الأثرية المكتشفة في الجهة الجنوبية من البلدة، وتزدان المنطقة أيضًا ببقايا دير أرثوذكسي يوناني عتيق، إلى جانب كنيسة القديس جاورجيوس التي تعلو جبالها الشرقية، ما يمنحها طابعًا تاريخيًا وروحيًا فريدًا.

وفي منتصف القرن التاسع عشر، وتحديدًا عام 1838، أشار الباحثون إلى أن بلودان كانت تضم مجتمعًا متنوعًا من حيث الطوائف الدينية، حيث سكنها الأرثوذكس اليونانيون، والبروتستانت، إلى جانب المسلمين، ما يعكس طابعها الاجتماعي المنفتح والمتعدد، وفي عام 1909 سجّل الباحث ج. إ. هاناور مشاهداته خلال زيارته لمزار تقليدي يُعرف باسم “العريجة أم الشرف” جنوب البلدة، حيث كانت النساء من مختلف القرى بمَن فيهن المسيحيات والمسلمات، يتوافدن لتكسير جرار فخارية جديدة في طقس رمزي يُؤدى وفاءً بالنذور.

ويُرجَّح أن هذا الطقس يحمل جذورًا ضاربة في عمق الموروث الشعبي السوري، ويتصل بعبادات الخصوبة القديمة التي كانت شائعة في الثقافات الزراعية، وتُبرز هذه الطقوس والممارسات كيف أن مصيف بلودان لم يكن فقط مصيفًا جميلًا، بل كان أيضًا مركزًا لثقافة اجتماعية وروحانية متوارثة، تعكس تداخل الأديان والتقاليد عبر العصور.

مصيف بلودان

اقرأ أيضًا: نواعير حماة… أسطورة الماء والتاريخ

السياحة في بلودان

تُعرف بلدة ومصيف بلودان بطبيعتها الخلابة وإطلالاتها الساحرة على الجبال المحيطة، وتتميّز بتنوعها النباتي الغني، حيث تنتشر فيها الأشجار المثمرة والغابات دائمة الخضرة، كما تزخر المنطقة بعدد من الينابيع العذبة أبرزها نبع أبو زاد بشلالاته الجميلة، نبع عين النسور، ونبع عين البيضا، إضافة إلى ينابيع حزير وغيرها من المصادر المائية الطبيعية.

ولا تقتصر السياحة في مصيف بلودان على الجانب الترفيهي أو الطبيعي فحسب، بل تشمل أيضًا جوانب ثقافية وتاريخية ودينية، حيث تحتضن بلودان عددًا من المواقع الدينية والثقافية التي تحمل طابعًا روحانيًا خاصًا، وتعكس غنى المنطقة بالتاريخ والحضارة.

مسجد النبي هابيل

يقع مسجد النبي هابيل على تلة مرتفعة في منطقة “وادي بردى” قرب مصيف بلودان والزبداني، ويُطل على مشهد بانورامي جميل للقرى المحيطة، ويُعرف المسجد بأنه يضم مقام النبي هابيل ابن النبي آدم عليه السلام، الذي قُتل على يد أخيه قابيل، في أول جريمة قتل عرفها الإنسان بحسب الرواية الدينية.

كما يضم المسجد في داخله ضريحًا ممتدًا يصل طوله إلى نحو سبعة أمتار، تغطيه قطعة قماش خضراء مطرّزة بآيات من القرآن الكريم، ويُعتقد أنه يعود للنبي هابيل، كما يشتمل المسجد على عدد كبير من المحاريب – يُقال إنها تبلغ أربعين محرابًا – في دلالة رمزية على الأهمية الروحية التي يحظى بها هذا المقام.

مصيف بلودان

مغارة موسى

تقع مغارة موسى في مصيف بلودان، وعلى الرغم من أنها ليست موقعًا دينيًا بالمعنى التقليدي، إلا أنها تُعد من أبرز المعالم السياحية في المنطقة، حيث تجسّد تناغمًا رائعًا بين جمال الطبيعة وعزيمة الإنسان، فقد كانت في الأصل موقعًا لاستخراج رمل المازار المستخدم في البناء، إلى أن تحوّلت مع مرور الوقت إلى مقصد سياحي فريد من نوعه.

وتعود بدايات حكاية المغارة إلى مطلع القرن العشرين، حين شرع أهالي بلودان بحفرها يدويًا على مدى سنوات طويلة، وبعد عقود من العمل قام السيد موسى المرعي بتطويرها وتحويلها إلى مغارة سياحية متكاملة، فحملت اسمه وافتُتحت رسميًا أمام الزوار عام 2006.

مصيف بلودان

وادي مار الياس

يُعدّ وادي مار إلياس الواقع في السفوح الجنوبية الغربية من مصيف بلودان، من المواقع الأثرية والدينية المميزة التي تنطق بعبق التاريخ وسكينة الروح، حيث تنتشر في أرجائه بقايا معمارية كالأعمدة المهدّمة وآثار الأبنية القديمة، في دلالة واضحة على ما شهده الوادي من حضارات ومعتقدات تعاقبت على مرّ العصور.

وفي قلب هذا الوادي، تنتصب شجرة سنديان عتيقة تُعرف بين الأهالي باسم ‘شجرة مار إلياس’ أو ‘شجرة الخضر` وتحمل هذه الشجرة في وجدان الناس رمزية دينية وروحية عميقة، وتُعامل بتقدير واحترام كبيرين كونها شاهدة على زمن غابر من القداسة والتاريخ.

دير يونان

يقع دير يونان، المعروف أيضًا باسم جبل دير يونان، في بلدة ومصيف بلودان بريف دمشق، ويُعدّ من أبرز المعالم الدينية والأثرية في المنطقة، ويتميز الدير بموقعه الفريد على قمة جبل يونان، مما يوفر إطلالات بانورامية خلابة على سهل الزبداني والجبال المحيطة.

يُرجَّح أن دير يونان شُيّد في عصور تاريخية موغلة في القِدم، وقد اكتسب اسمه ارتباطًا بالنبي يونان (يونس) عليه السلام، مما أضفى عليه طابعًا روحيًا مميزًا يجذب الزائرين، كما يُشكّل هذا الدير ملاذًا للهدوء والتأمل، ويستقطب المئات من المهتمين بالسياحة الدينية لا سيما في فصل الصيف، حيث تُنظَّم فيه طقوس وفعاليات ذات طابع ديني وثقافي تُضفي على المكان مزيدًا من الحيوية والقداسة.

اقرأ أيضًا: مغارة جوعيت في سوريا: كنز طبيعي يحمل أسرارًا فريدة

مطاعم ومنتزهات ومطاعم بلودان

يتميز مصيف بلودان بتنوع مرافقها السياحية التي تلبي مختلف الأذواق، وفيما يلي نبذة عن أبرز المطاعم والفنادق في المنطقة:

فندق بلودان الكبير

افتُتح فندق بلودان الكبير عام 1930، ليصبح وجهة مفضلة للسياح السوريين والعرب، خاصةً خلال فترة قضاء الإجازات في المصايف اللبنانية مثل صوفر وعاليه وبحمدون، في عام 1937 استضاف الفندق مؤتمر بلودان الأول الذي جمع 450 شخصية عربية، وكان له دور بارز في تعزيز الجهود نحو تأسيس جامعة الدول العربية، كما كان له دور محوري في مؤتمر بلودان الثاني عام 1946 الذي نظمته الجامعة العربية.

يتميز الفندق بتصميمه التقليدي ويحتوي على 71 غرفة، بالإضافة إلى قاعات متعددة الاستخدامات، ويُحيط به حديقة واسعة ومرافق ترفيهية متنوعة، مما يجعله وجهة مثالية للمناسبات والفعاليات.​

فندق بلودان جراند

يُعد فندق بلودان جراند من أفضل الفنادق في مصيف بلودان، حيث يتميّز بإطلالاته الساحرة التي تمنح الزوار تجربة لا تُنسى، ويقدّم الفندق العديد من الخدمات المميزة بأسعار معقولة، ويشمل غرفًا مجهّزة بأحدث وسائل الراحة مع أثاث كلاسيكي فاخر، بالإضافة إلى أماكن جلوس مريحة وحمامات مزوّدة بأدوات سيراميك عالية الجودة.

كما يحتوي على مكتب استقبال يعمل طوال اليوم لتلبية احتياجات الزوار، ويقدم مجموعة من المرافق المهمة مثل أنشطة ترفيهية للأطفال، ومسبح خارجي، إضافة إلى مطعم يقدم مجموعة متنوعة من المأكولات المحلية والعالمية التي تتميز بمذاق فريد.

فندق سمولفيل

يقع فندق سمولفيل في منطقة المتاحف على طريق دمشق، ويتميز بتصميمه المعماري العصري وغرفه الواسعة والمريحة، كما يوفر مطعمًا فاخرًا يقدم مجموعة متنوعة من الأطعمة والمشروبات، بالإضافة إلى حديقة واسعة، مقهى، صالة لوبي، وحوض سباحة، ويحتوي أيضًا على مرافق للاجتماعات وصالة رياضية.

كما لدينا الكثير من الفنادق في مصيف بلودان، والتي لا يمكن اقتصارها في مقال واحد حيث يمكننا طرح أسمائها لكم ليتسنى لنا لاحقنا التطرق إلى كل منها:

  • فندق مونتي بيلو
  • فندق إن جيه
  • فندق ماديسون
فنادق بلودان

مطعم كرم العلالي

يقع مطعم كرم العلالي في مصيف بلودان على ارتفاع 1900 متر فوق سطح البحر، ويتميز بإطلالات بانورامية على جبال لبنان وجبل الشيخ، كما يقدم مجموعة متنوعة من الأطباق الشرقية والغربية، مع التركيز على المكونات الطازجة والطهي التقليدي، ويوفر أيضًا أجواء ترفيهية ممتعة، بما في ذلك العزف الموسيقي الحي، إضافة إلى صالة شتوية وتراسات صيفية لضمان راحة الزوار طوال العام.

مطعم درج الورد

يقع مطعم درج الورد في منطقة أبوزاد ببلودان، ويتميز بإطلالات رائعة على جبال وسهول الزبداني الخضراء. يوفر المطعم جلسات مريحة وأسعارًا مناسبة، بالإضافة إلى أجواء طبيعية هادئة.

كما لدينا أيضًا مطعم أبو ناصيف، مطعم الأطلال، مطعم جدودنا، مطعم جنة بلودان، مطعم بوابة بلودان، منويلا، مورا، وغيرها الكثير الكثير من المطاعم التي تُغني المنطقة.

مصيف بلودان

ختامًا، بلودان، بجمالها الطبيعي وروحها التاريخية، تُعد واحدة من أجمل الوجهات السياحية في سوريا، تجمع بين المناظر الجبلية الخلابة، والينابيع العذبة، والمواقع الدينية المهمة، مما يجعلها مكانًا مثاليًا لمحبي الهدوء والاستجمام.

لا تفوت فرصة زيارة مصيف بلودان عند زيارتك القادمة إلى سوريا.

السابق
تعرف على أشهر مقابر العائلات الملكية القديمة والحديثة حول العالم
التالي
أسطورة شجرة مريم وتأثيرها الثقافي في مصر