بوابة سوريا

صلنفة

اللاذقية

تُعتبر صلنفة جوهرة السياحة في سوريا، حيث تتناغم الخضرة المورقة للجبال مع نسيم البحر المتوسط العليل، لتقدم لوحة طبيعية فنية ساحرة. تقع هذه البلدة الساحلية الخلابة في شمال محافظة اللاذقية، وتتميز بموقعها الجغرافي الفريد الذي يجعلها ملاذًا مثاليًا للهروب من صخب الحياة اليومية والاستمتاع بجمال الطبيعة.

موقع صلنفة

تقع صلنفة شمال محافظة اللاذقية وتبعد حوالي 20.5 كيلومتر عن مركز مدينة اللاذقية وعلى ارتفاع حوالي 1130 متراً فوق سطح البحر، وتتمتع بمناخ معتدل طوال العام مما يجعلها ملاذًا مثاليًا للهروب من حرارة الصيف، ويبلغ عدد سكانها حوالي 19518 نسمة، وتتبع صلنفة إداريًا إلى منطقة الحفة وتضم 24 قرية و53 مزرعة وتحيط بها مجموعة قرى وهي قرية باب جنة، قرية دورين التي تتميز بغابات الدلب والصنوبر كما إنها معروفة بجودة تفاحها.

وتتعايش في صلنفة مجموعة من الطوائف بانسجام وتتعد الاحتفالات السنوية فيها، ومنها مهرجان صلنفة السياحي والعديد من الفعاليات الثقافية وتحوي كذلك على العديد من مراكز الخدمات مثل مركز البريد ومركز صحي ومدرسة ثانوية ومدارس ابتدائية ومركز للمياه والكهرباء وغيرها.

محميات طبيعية

اقرأ أيضًا: معلولا… لؤلؤة آرامية شامخة بين الجبال

تاريخ صلنفة

مرّت صلنفة بفترات تاريخية متعاقبة حيث شهدت حضارات مختلفة تركت بصماتها الواضحة على المنطقة، من بينها الحضارة الرومانية فترك الرومان في صلنفة آثارًا واضحة مثل القنوات المائية القديمة والطرق الرومانية، فيوجد في المدينة عين الروم الأثرية الرومانية ذات القنطرة والتي يدل اسمها إلى عودتها إلى العهد البيزنطي أو الروماني المتأخر، وبعد سقوط الإمبراطورية الرومانية سيطرت الإمبراطورية البيزنطية على المنطقة وتركت العديد من الكنائس والأديرة، بعدها ومع الفتوحات الإسلامية انتقلت المنطقة إلى الحكم الإسلامي، وازدهرت فيها الحضارة الإسلامية وشيدت العديد من المساجد والمدارس، كما ويوجد في صلنفة مقام النبي سلمان ومقام الخضر عليه السلام.

وبنيت صلنفة عام 1929م إبان الاحتلال الفرنسي لتكون دار سكن الحاكم ومصيفه نظرًا إلى ما تتمتع به من موقع جميل ومناخ معتدل ومناظر خلابة وإطلاله رائعة على السهل والبحر والوادي والسفح.

كما ويذكر الباحث جبرائيل سعادة بأنه قد عثر في هضابها على أدوات صوانية مقطوعة مشابهة للتي كان يستعملها الإنسان البدائي في فجر التاريخ، كأدوات للعمل وللدفاع عن النفس، وتحتوي المنطقة على العديد من الكهوف والمغاور التي ربما استخدمت كمأوى للإنسان القديم أو كمخازن للحبوب والأدوات.

جمال الطبيعة في صلنفة

اقرأ أيضًا: معلولا… لؤلؤة آرامية شامخة بين الجبال

سبب تسمية صلنفة

يعود تاريخ تسمية صلنفة إلى العصور القديمة، حيث يعتقد أن اسمها مشتق من الكلمة السريانية “أصلان فيء” والتي تعني “غنيمة السباع”، وذلك نسبة إلى كثرة صيد الأسود فيها قديمًا، وكانت تعتبر من أماكن الصيد المفضلة للملوك والأمراء، حيث كانت الغابات الكثيفة التي تحيط بصلنفة توفر بيئة مثالية لانتشار الحيوانات البرية، مما جعلها تجذب الأسود والنمور، وكان لفراء الأسود والنمور قيمة كبيرة في تلك الفترة حيث كان يستخدم في صناعة الملابس والديكورات، وكان يعتبر رمزًا للثراء والسلطة.

ويقال بأن صلنفة لفطة سريانية مركبة من كلمتين تعني الأولى المنحدر بينما تعي الثانية شجر المعساس الكبير، الذي يحمل حبًا مكورًا تستخرج منه مادة صمغية، كما ويقال بأن معنى كلمة صلنفة يلوح في معناها (لقد وصلنا الفيء)، بينما يعرفها أبناء المنطقة بأنها المصيف.

جمال طبيعة اللاذقية

اقرأ أيضًا: غابة النبي متى… واحة في قلب الدريكيش

أهمية صلنفة السياحية

تمتلك صلنفة العديد من العوامل التي جعلتها وجهة سياحية جذابة، وأحدها طبيعتها الخلابة فتتميز بغاباتها الكثيفة وأشجارها المعمرة من أشجار البلوط والصنوبر والشوح، والتي توفر أجواءً هادئة ومريحة، كما تتميز بإطلالاتها الخلابة على البحر الأبيض المتوسط والجبال المحيطة بها، فضلًا عن ذلك فيحيط بصلنفة العديد من المحميات التي تضفي عليها طابعًا سياحيًا رائعًا مثل محمية الشوح والأرز التي تبلغ مساحتها حوالي 1350 هكتار، وترتفع عن سطح البحر حوالي 1500 متر، حيث يُقال بأن الرومان هم من زرعوا جبل الشوح بهذه الشجرة الجميلة قبل 2000 عام، وتعرف شجرة الشوح بقداستها نظرًا لارتباطها بالعديد من الديانات والمعتقدات، واعتبارها رمزًا للقدسية والحياة الأبدية ففي بعض الثقافات فكانت تعتبر موطنًا للأرواح والآلهة، كما استخدمت أجزاء مختلفة من شجرة الشوح في الطب التقليدي لعلاج العديد من الأمراض مما زاد من تقديسها، بالإضافة إلى انتهاء كل غصن في تلك الشجرة بفرعين متقاطعين لهما شكل صليب مما زاد من قداستها، وإلى جانب محمية الشوح والأرز توجد محمية الفرنلق والتي تبع حوالي 30_40 كم عن المنطقة وهي أقرب إلى منطقة كسب.

ومن المواقع الهامة جدًا في المنطقة هو جبل النبي يونس الذي يرتفع حوالي 1565 متر عن سطح البحر ويبعد عن صلنفة حوالي 20_ 25 كم ويتبع إداريًا لناحية الحفة، والذي يقوم عليه مقام أو ضريح النبي يونس عليه السلام، وتقع بالقرب منه بقايا قلعة أثرية تطل على سهل الغاب ووادي العاصي شرقًا، وتدعى قلعة النبي يونس ويعتقد أنها البيت الذي بناه بعيدًا عن قومه، كما ويتدفق بالقرب من المقام نبع ماء عذب يشبه المعجزة التي أيد الله بها النبي يونس.

يوجد في المنطقة أيضًا العديد من المنشآت السياحية المرخصة كالفنادق من سوية النجمتين وحتى الأربع نجوم، بالإضافة إلى العديد من المطاعم وشقق الاصطياف المفروشة والمعدة للإيجار والمجهزة بأحدث الأثاث لتلبي احتياجات المصطافين والسياح، ويعد كازينو صلنفة من أوائل الأبنية الساحية القائمة في المنطقة وتأسس الكازينو في العشرينات من القرن الماضي تحديدًا عام 1929م، وكان يعتبر من أرقى الكازينوهات في المنطقة، وقد صمم على الطراز الأوروبي الكلاسيكي، وتم تجهيزه بأحدث التقنيات والمرافق الترفيهية في ذلك الوقت، وتحول اليوم إلى فندق بارك بلازا ويضم اليوم مطعم مميز وغرف متنوعة منها المزوجة بسرير وغرفة جلوس أو غرفة بسريرين أو غرفة بثلاث أسرة كما يؤمن الفندق العديد من الخدمات الرائعة مثل مسبح وجاكوزي وصالة ألعاب رياضية وسوق تجاري خاص بالفندق.

وبالإضافة إلى الكازينو يوجد العديد من الفنادق والمنتجعات الحديثة مثل منتجع لاميرا صلنفة والذي يعتبر من أفخم المنتجعات في المنطقة ويتكون من أجنحة وغرف فندقية راقية تطل على الجبال بالإضافة إلى المطاعم والكافيهات الداخلية والخارجية وكذلك مسابح وحدائق وغيرها كما لدينا منتجع السراج ومنتجع الشام.

ومع الحديث عن السياحة في المنطقة فلا يجب أن ننسى أديرة صلنفة وكنائسها العامرة والمميزة والتي تعتبر وجهة سياحية رائعة للمسحيين في المنطقة ومن أبرز الأديرة في صلنفة لدينا دير اللاتين الذي يعتبر معلم ديني وسياحي مهم يعود للطائفة الكاثوليكية (اللاتينية) في سوريا، وتم تأسيسه ليكون مكانًا للعبادة والخلوة الروحية، كما بني بأسلوب معماري بسيط لكنه يتناغم مع طبيعة المنطقة الجبلية، حيث تحيط به الأشجار المعمرة والأجواء الهادئة التي تجعله ملاذًا للرهبان والزوار.

منتجعات

اقرأ أيضًا: مقام الأربعين… شاهدًا على التاريخ وحاضنًا للروحانيات

طقس صلنفة ومناخها

يتميز مناخ المنطقة بتنوعه واختلافه بين الفصول الأربعة، مما يجعلها وجهة سياحية مميزة على مدار العام، فيكون الصيف في صلنفة معتدل إلى بارد مقارنة ببقية المناطق السورية، وتتراوح درجات الحرارة عادةً بين 20 و 30 درجة مئوية، مما يجعلها وجهة مثالية للهروب من حرارة المدن الساحلية، أما الشتاء فيكون باردًا جدًا، حيث يمكن أن تنخفض درجات الحرارة إلى ما دون الصفر في بعض الأحيان خصوصًا في أشهر ديسمبر ويناير، فقد تتراوح درجات الحرارة بين صفر و 5 درجات مئوية نهارًا وتنخفض أكثر خلال الليل، وبسبب ارتفاع صلنفة تشهد البلدة تساقط الثلوج بشكل كثيف خلال فصل الشتاء، ما يجعلها من أهم المناطق السياحية الثلجية في سوريا، فقد تغطي الثلوج الطرقات والأراضي لعدة أسابيع، مما يخلق مناظر طبيعية خلابة.

في الختام، تُعد صلنفة جوهرة جبلية نادرة تتألق في قلب سوريا، حيث يجتمع فيها الجمال الطبيعي، الهدوء والطقس الرائع على مدار العام، فتعتبر في كل لحظة دعوة للعودة إلى الحياة الطبيعية والتأمل في روعة الأرض، مما يجعلها واحدة من أجمل الكنوز السورية التي تستحق الزيارة مرارًا وتكرارًا.

السابق
محافظة شرم الشيخ
التالي
التكية السليمانية