على امتداد الطريق الدولي بين بانياس وطرطوس في سوريا، تتربع “الغابة الاستوائية” كواحة خضراء تمتد على مساحة 8,000 متر مربع، لتأخذ زوارها في رحلة ساحرة إلى عالم الطبيعة الاستوائية، هذا المشروع الفريد الذي انطلق عام 2013 بجهود الصحفي حسن محمد يُعد الأول من نوعه في البلاد، حيث يجمع بين جمال الطبيعة وسحر الفواكه الاستوائية.
التنوع النباتي في الغابة الاستوائية
عند دخولك إلى هذه الغابة ستُفاجأ بتنوع النباتات والأشجار الاستوائية التي تنمو في قلب الساحل السوري، حيث تضم الغابة مجموعة متنوعة من الأشجار المثمرة الاستوائية، مثل البابايا، الأفوكادو، الليتشي، توت الأنكا، الموز بأصنافه السبعة، والدراكون فروت، بالإضافة إلى صبار أستريكا، مستغلًا بذلك مؤسس المشروع البيئة الزراعية الملاصقة لمدينة طرطوس، حيث لا تبعد عن شاطئ البحر سوى ثلاثة كيلومترات وهي منطقة مناخها أشبه بالمنطقة الاستوائية.
وبما أن الغابة الاستوائية في طرطوس ليست غابة طبيعية بل مشروع زراعي بيئي، فإن مناخها يتأثر بالموقع الجغرافي لساحل سوريا، لذلك في الصيف تتراوح درجات الحرارة بين 25-35 درجة مئوية مع نسبة رطوبة معتدلة إلى مرتفعة، وفي الشتاء تنخفض درجات الحرارة إلى حوالي 10-18 درجة مئوية وهي أقل من الغابات الاستوائية الطبيعية، وللحفاظ على البيئة المناسبة للنباتات الاستوائية يتم استخدام تقنيات زراعية مثل أنظمة الري المتطورة والمياه الجوفية للحفاظ على مستوى معين من الرطوبة ودرجات الحرارة المعتدلة.

اقرأ أيضًا: مقهى النوفرة، قصيدة مكتوبة على فنجان قهوة
ما يميز هذه الغابة ليس فقط تنوعها النباتي بل أيضًا تصميمها الفريد الذي يتيح للزوار الاستمتاع بتجربة استوائية حقيقية، فيمكن للزائرين الجلوس في جلسات مصممة داخل مغارة نُحتت في الصخور، حيث يمكنهم تذوق العصائر الطازجة المستخرجة من الفواكه المزروعة في الغابة، بالإضافة إلى تجربة أطباق الفواكة المختلفة وذلك حسب الطلب يمكن تقديم طلب مكون من أي أنواع فاكهة ترغبها، مما يوفر تجربة حسية متكاملة تمزج بين المشاهد الطبيعية والنكهات الفريدة، كما تم تصميم الغابة لتكون أقرب ما يمكن إلى الطبيعة البرية، حيث تحتوي على مسارات مظللة بالأشجار وبرك مائية صغيرة ونوافير تضيف إلى جمالية المكان، كما إن أجواؤها الرطبة وشبه الاستوائية تمنح الزائر إحساسًا بالسفر إلى بيئة طبيعية نادرة في المنطقة.

فيدخل الزوار إلى الغابة الاستوائية من خلال مسار يشبه أنبوب من الأوراق الخضراء يؤدي إلى بحيرة صغيرة مع زنابق الماء تطفو فوقها، وإلى اليمين توجد طاولة تشبه البار مع أنواع مختلفة من الفواكه تزين واجهتها الأمامية، وإلى اليسار وضعت طاولات خشبية محاطة بالأوراق الخضراء للزوار للاسترخاء وطلب طبق الفاكهة والعصائر المختلفة.

اقرأ أيضًا: مشقيتا والبحيرات السبع… جنة مخفية في أحضان اللاذقية
ولا يقتصر هذا المشروع على كونه وجهة سياحية فحسب بل يُعتبر أيضًا تجربة بيئية وتعليمية، حيث يُظهر إمكانية زراعة النباتات الاستوائية في مناخ البحر الأبيض المتوسط، مما يفتح آفاقًا جديدة للزراعة في المنطقة، باختصار تُعد “الغابة الاستوائية” في طرطوس ملاذًا فريدًا يجمع بين جمال الطبيعة وثراء التنوع البيولوجي، مقدمةً تجربة لا تُنسى لكل من يبحث عن الاسترخاء والمغامرة في آن واحد.
وعلى الجانب الآخر فقد استطاع مشروع الغابة الاستوائية تشغيل ما بين 20 إلى 25 مزارع، وذلك عن طريق منحهم أغرس وشتول استوائية من أنواع جديدة غير مألوفة سابقًا ومن ثم شراء منتجهم أو تسويقه، بالإضافة إلى كونها مهمة من الناحية الطبية حيث لاقت اهتمامًا من مراكز متخصصة لصنع كريمات علاجية وتجميلية مستخلصة من أوارق بعض أنواع الفواكة.
أما مؤخرًا فتشعب وتوسع المشروع بشكل أكبر ليتم التطرق إلى موضوع بيع العسل مع المكسرات والفواكه المجففة، ودبس الرمان ودبس الخرنوب والتمور بأنوعها.

فيمكن الآن لكل عشاق الطبيعة زيارة الغابة الاستوائية وقضاء تجربة سياحية متكاملة تمزج بين الجمال الطبيعي والمغامرة والاسترخاء، فهي وجهة سياحية مثالية لكل من يبحث عن تجربة جديدة ومختلفة داخل سوريا، حيث يمكن الاستمتاع بالطبيعة واكتشاف أنواع جديدة من النباتات، والتقاط أجمل الصور في أجواء استوائية ساحرة.