اسم الرواية : اسمه أحمد .
اسم الكاتب : د.أيمن العتوم .
عدد الصفحات : ٦٦٨ صفحة .
دار النشر : دار المعرفة للنشر والتوزيع .
عن الكاتب : أيمن بن علي العتوم، شاعر وروائي أردنيّ (ولد في الأردن في مدينة جرش في منطقة سوف 2 آذار/مارس 1972)، تلقّى تعليمه الثانوي في دولة الإمارات العربية المتحدة في إمارة عجمان، ثم التحق بجامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية ليحصل على بكالوريوس الهندسة المدنية فيها عام 1997 وفي عام 1999 تخرّج من جامعة اليرموك بشهادة بكالوريوس في اللغة عربية، ثمّ التحق بالجامعة الأردنية ليُكمل مرحلة الدراسات العليا في اللغة العربية وحصل على شهادتي الماجستير والدكتوراة في اللغة العربية في تخصص النَحو واللغة، عامي 2004 و2007، اشتُهر بروايته يا صاحبَي السجن التي صدرت عام 2012 وتعبّر عن تجربة شخصيّة للكاتب في السجون الأردنية خلال عامَي 1996 و1997 بكونه معتقلا سياسياً. كما له دواوين شعريّة عديدة ، وكذلك العديد من الروايات .
اسمه أحمد هي قصة البطل أحمد الدقامسة الذي فعل ما نود كُلنا فعله لكننا لا نملك جرأته وإيمانه ، تتحدث الرواية عن قصة حقيقية حدثت في ١٣- ٣ – ١٩٩٧ عندما قام أحمد الدقامسة بعملية الباقورة وفيها قتل سبع يهوديات وجرح ستة آخرين .
بدأ الكاتب بالحديث عن بداية نقمة أحمد على اليهود وكيف بدأ كرهه لهم ، عن أبيه المقدام ووالدته التي شدت من همته طوال فترة سجنه .تحدث عن انتساب أحمد للقوات المسلحة الأردنية وهو لم يتجاوز ١٥ عاما وعن زواجه وحبه لزوجته فاطمة وشربهم دوما للشاي على سطح المنزل .تطرقت الرواية لكافة تفاصيل حياته عن عمله ، وأبنائه (سيف الدين ، نور الدين والبتول ) ، عن المدة التي قضاها في السجون ، وكيف عانى الكثير هناك ، وعن تعلقه بالكتب التي أنقذته هناك ، وعن الأشخاص الذين مروا عليه وكون معهم صداقات ، وكان أكثرهم من المثقفين فيتحاور مع عقولهم ويطور من نفسه في أسوأ بقاع الأرض، عن الأمراض التي أصابته خلال هذه الفترة من القهر ، عن منع الزيارات ، والحبس الانفرادي .لقد تركت طريقة التحقيق معه الألم في قلبي ، هل يُعقل أن يفعل أبناء وطنه هكذا به لمجرد قتله من يجب أن يُقتل ؟ هل هذه جزاته ؟استعملوا معه كافة الأساليب ، المساومة ، الضغط النفسي ، التعذيب الجسدي المميت، حرمانه النوم والطعام ، لدرجة أنهم لجأوا للشعوذة ، غير معقول .
عاش البطل صراع نفسي كبير قبل تنفيده العملية ، لخوفه على عائلته لكن حبه للوطن وكرهه لليهود غلب كل شيء .في السجون التي كانت منفاه ، عانى من محاولة تلفيق التهم دوما ، لم يعجب كل المدراء لمحاولته الدائمة لإصلاح كل ما حوله وجعل الأمور تسير في مسارها الصحيح ، في بعض الأحيان نجح والكثير من المرات فشل .كان له دوما ناصرين بعد الله ، كان يكتب المقالات وينشرها من داخل السجون .فرحتُ كثيرا وهو يصف لنا خروجه من السجن بعد قضاء حكمه ،ليستقبله أهل بلدته وعائلته استقبالا رائعا يستحقه في عام ٢٠١٧ .
وبالطبع تطرق الكاتب لأغلب الأحداث التاريخية والسياسية التي مرت طوال هذه الفترة من ١٩٩٧ إلى ٢٠١٧ (الطائرات التي اصطدمتا ببرجي التجارة في أمريكا ، الربيع العربي ، قتل القاضي الأردني رائد زعيتر ، حرق معاذ الكساسبة وغيرها ).
من أهم الموضوعات في الرواية : 1. الهوية والانتماء2. الصراع السياسي والاجتماعي3. الحرية والمقاومة4. الحب في زمن الاحتلال .
حبكة الرواية قوية ومؤثرة تحتوي على أحداث مكثفة تحافظ على انتباه القارئ، والدكتور أيمن العتوم كعادته يستخدم أسلوبًا أدبيًا جذابًا، يجمع بين البلاغة والشاعرية والعمق الفلسفي، بالنسبة للشخصيات حقيقية وقوية تعكس واقعًا حقيقيًا وتجسد صراعات إنسانية عميقة وقد طرح قضية فلسطين بشكل إنساني بعيدًا عن الخطابات السياسية التقليدية، قدمها الدكتور من خلال منظور إنساني عاطفي. بعض الاقتباسات من الرواية التي تترك أثرا في النفس :
1. “سنصحو يوما من هذه السذاجة وهذا التغييب ، ولكن حين يكون قد غاص الرمح في الحلقوم . العالم يتجه إلى الجنون ، والجنون يقود إلى الفوضى ، والفوضى تستجلب الطوفان ، والطوفان هو الحل الأمثل لتنظيف هذا الكوكب المتداعي من الحكام والشعوب .”
2.” الكونُ قائمٌ على الحُبِّ، الحُبُّ يجعلُ الحياةَ سهلةً، يحملُ أحدُنا في سعتِهِ الآخرَ في ضيقِهِ، وحدَهمُ الَّذينَ لا يملكُونَ قلوبنا همُ الَّذينَ يجعلُونَ الحياةَ قاسيةً، قليلٌ مِنَ الحُبِّ يا أحمد، وقليلٌ مِنَ الصَّبرِ يا بُنيَّ يحوِّلانِ الحياةَ إلى نعيمٍ، النَّعيمُ لا يتحقَّقُ بلا قلبٍ، والقلبُ لا يتفتَّحُ ولا يُزهرُ إلَّا إذا نظَّفْتَهُ مِنَ البغضِ والحسدِ والشَّحناءِ والجفاءِ والتَّكبُّرِ، لا أدري كيفَ يعيشُ أولئكَ الَّذينَ لا يتراحمُونَ فيما بينَهم، إنَّ حياتَهم لا شكَّ جحيمٌ مطلقٌ، فلا يغرنَّكَ كثرةُ أموالِهم، ولا انتفاخَ جيوبِهم، إنَّها ورمٌ والورمُ قاتلٌ، وإنَّها عَرَضٌ والعَرَضُ زائلٌ.”
3. “الكتاب صديقٌ ليس كأيّ صديق، الأصدقاء يُعطونك ظهرهم مرات؛ إنّهم معذورون، لديهم أسبابهم، أمّا الكتاب فلم يُعطِني ظهره يومًا .”
4. “عرفتُ أنّ التّاريخ لا يُعيد نفسه ، بل التّاريخ هو التّاريخ و أنّ البشر هم الذين يُعيدون أنفسهم .”
5.”كانَ السِّجنُ موتًا بطيئًا، ووحشًا يمزِّقُ بأنيابَهُ جسدي، كنتُ أدفعُ الموتَ بالكتابِ، وأُبعدُ الوحشَ بمرافقتِهِ، نحنُ هنا تماثيل محنَّطة، يتبلَّدُ شعورنا معَ الزَّمنِ، أو نبلِّدُهُ نحنُ، لِأنَّنا لا نملكُ أفقًا، وليسَ أمامَنا ما يشيرُ إلى أنَّ خيوطَ الشَّمسِ يمكنُ أنْ تتسلَّلَ في يومٍ قريبٍ عبرَ نوافذ السِّجن. قلوبُنا هي الأخرى تتحجَّرُ حينَ يولِّي لنا الحُبُّ ظهرَهُ، كنَّا نبحثُ عنْ حُبٍّ ضائعٍ، تغيمُ الحبيبةُ، يتستَّرُ الوطنُ، وحينَها لا نجدُ غيرَ الكتابِ، نبحثُ فيهِ عنِ الحُبِّ، أو نتَّخذهُ هو نفْسهُ حبيبًا!”
6. “ليس كل ما يؤلمنا يُظهر جراحَه، بعض الجروح تنزف إلى الداخل حتى تختفي أرواحنا من النزيف.”
7. “الوطن ليس حدودًا مرسومة على الورق، بل هو الشعور الذي يسكن القلب، فإذا غادر القلب لم تعد الأرض تعني شيئًا.”
8. “الحب لا يُهزم بالسلاح، لكنه يُهزم بالخوف والخذلان.”
9. “إنهم يخشون الحلم أكثر من خشيتهم من الحقيقة، لأن الحلم هو الشرارة الأولى للتغيير.”
10. “أحيانًا، يكون أقرب الناس إليك هم الأكثر قدرة على إيذائك.”
11. “الحرية لا تُمنح، بل تُؤخذ، ومن ينتظرها تأتيه على طبق، سيظل عبدًا إلى الأبد.”
12. “ليس العدل أن تعيش وتموت دون أن تترك أثرًا في هذا العالم.”
13. “المقاومة ليست سلاحًا فحسب، بل فكرة تؤمن بها حتى النهاية.”
14. “المنفى الحقيقي هو أن تشعر أنك غريب في وطنك.”
15. “بعض الأوطان تسكن القلوب، وبعضها يطردك حتى من ذاكرتك.”
اسمه أحمد ليست مجرد رواية عن فلسطين، بل هي رحلة في عمق الهوية والحرية والمقاومة. إنها عمل أدبي يحمل رسائل إنسانية عميقة، تجعل القارئ يتأمل في معنى الوطن والانتماء.
الرواية مناسبة لمن يبحث عن نص أدبي قوي يحمل أبعادًا فكرية وعاطفية، خاصة لمن يهتم بالقضية الفلسطينية والأدب العربي الحديث.
في النهاية أنصح بهذا العمل الرائع ، فهي واحدة من الروايات العميقة التي تناقش قضايا الهوية والانتماء والحرية، بأسلوب أدبي مؤثر ومليء بالمشاعر ،فهو يفتح عقلك على كثير من الأبواب ، من هذه الرواية سجلت الكثير من الكتب التي ستكون ضمن مشترياتي خلال معرض الكتب القادم.️
