بوابة مصر

برجي الرملة والحداد بقلعة صلاح الدين الأيوبي وأهميتهم السياحية

برجي الرملة والحداد بقلعة صلاح الدين الأيوبي فعند الحديث عن عظمة التاريخ الإسلامي ومكانة العمارة الحربية في العصور الوسطى، لا يمكننا تجاوز أحد أبرز معالم القاهرة الإسلامية، وهما برجي الرملة والحداد بقلعة صلاح الدين الأيوبي، هذان البرجان ليسا مجرد حجارة صامتة، بل هما شاهدان على عبقرية هندسية وروح دفاعية جسّدت رؤية القائد المسلم صلاح الدين الأيوبي في بناء حصن منيع يحمي القاهرة، في هذا المقال، سنتجول معًا بين جدران القلعة، ونتعرف على أسرار البرجين، ووظائفهما، وتفاصيل إنشائهما، وكل ما يتعلق بهما من معلومات غنية ودقيقة تُعيد إليك روح التاريخ.

برجي الرملة والحداد بقلعة صلاح الدين الأيوبي

برجي الرملة والحداد بقلعة صلاح الدين الأيوبي من أبرز الأبراج الدفاعية في قلعة صلاح الدين الأيوبي بالقاهرة، ويعود تاريخهما إلى العصر الأيوبي، حين أمر السلطان صلاح الدين ببناء القلعة لحماية المدينة من الغزوات الصليبية. 

يتميز برج الرملة بموقعه الاستراتيجي في الجهة الشمالية الشرقية من القلعة، وكان يُستخدم للمراقبة ورصد التحركات القادمة من الصحراء. 

أما برج الحداد فيقع في الجهة الشمالية الغربية، وكان يُستخدم كبرج دفاعي يحتوي على فتحات للرمي، يتميز البرجان بتصميمهما نصف الدائري، وسماكة جدرانهما التي تعكس مدى التقدم في فنون التحصين العسكري في ذلك العصر. 

كما أن موقعهما المرتفع يوفّر رؤية بانورامية شاملة للمدينة، مما جعلهما جزءًا مهمًا من المنظومة الدفاعية للقلعة، ولا يزالان شاهدين على عبقرية العمارة الإسلامية في العصور الوسطى.

قلعة صلاح الدين الأيوبي

قلعة صلاح الدين الأيوبي ليست مجرد قلعة عسكرية، بل هي مدينة قائمة بذاتها، شُيّدت على جبل المقطم لتكون نقطة استراتيجية للدفاع والسيطرة على القاهرة.

تم بناء القلعة في القرن الثاني عشر الميلادي، في عهد صلاح الدين الأيوبي، بهدف حماية القاهرة من الحروب الصليبية، وتميّز تصميمها بمزيج من فنون العمارة الإسلامية والحصون الأوروبية، مما منحها قوة دفاعية ومكانة تاريخية بارزة، وتتميز القلعة بعدة معالم مهمة، منها:

  • برج الرملة: يقع في الجهة الشمالية الشرقية، ويتميز بموقعه المرتفع الذي يتيح مراقبة الصحراء والمداخل الشرقية للقاهرة.
  • برج الحداد: يقع في الجهة الشمالية الغربية، واستخدم كبرج دفاعي بفتحات للرمي والمراقبة.
  • الجامع الناصري وجامع محمد علي: من أبرز المعالم الدينية داخل القلعة.
  • متحف الشرطة ومتحف المركبات: يعرضان مقتنيات تاريخية فريدة.
  • كانت القلعة مقرًا للحكم طوال العصور الأيوبية والمملوكية والعثمانية.
  • تُعد اليوم من أهم المزارات السياحية في مصر، وتستقطب الزوّار من مختلف أنحاء العالم.

التصميم الدفاعي عبقرية التخطيط المعماري للقلعة 

لما كان الهدف الأساسي من بناء القلعة هو الحماية، فإن تصميمها الهندسي لم يكن عشوائيًا بل بالغ الدقة.

  • اختير موقعها بعناية لتكون مرتفعة تطل على المدينة بالكامل.
  • صُممت أسوارها بشكل متدرج يُصعب تسلقه أو مهاجمته.
  • زُودت بالعديد من الأبراج لمراقبة العدو من مختلف الاتجاهات.
  • وجود فتحات للرماة وفراغات لرمي الزيت المغلي والحجارة.
  • التصميم الداخلي يتيح التحرك السريع بين الممرات والغرف.

برج الرملة

يقع برج الرملة في الجهة الشرقية من قلعة صلاح الدين الأيوبي، ويُعتبر من أهم الأبراج الدفاعية التي أنشئت لحماية القاهرة من الغزوات، كان لموقعه الاستراتيجي دور كبير في مراقبة الصحراء ورصد أي تحركات معادية من جهة الشرق، ويتميز البرج بعدة خصائص معمارية وعسكرية بارزة، منها:

  • تسميته: سُمي ببرج الرملة لأنه يطل على منطقة كانت تُعرف قديمًا باسم “الرملة”، وهي منطقة صحراوية مكشوفة.
  • الطوابق: يتكوّن البرج من طابقين مجهزين بفتحات مخصصة للرمي والمراقبة، مما سهل عمليات الدفاع والملاحظة.
  • التحصين: يتمتع البرج بجدران سميكة جدًا، صُممت خصيصًا لمقاومة القذائف وأعمال الحصار في زمن الحروب.
  • الاستخدام العسكري: يُعتقد أن صلاح الدين الأيوبي استخدم البرج كمركز مراقبة رئيسي للدفاع عن القاهرة من جهة الشرق.
  • الإطلالة: يوفر البرج إطلالة بانورامية رائعة على معالم القاهرة القديمة، ما زاد من أهميته الدفاعية والجغرافية.

برج الحداد

يُعد برج الحداد من الأبراج المهمة في قلعة صلاح الدين الأيوبي، ولا يقل أهمية عن برج الرملة، بل يشكل معه نظامًا دفاعيًا متكاملًا لحماية القلعة من الجهات الشمالية والشرقية، يتمركز البرج في الجهة الشمالية الشرقية، ما منحه دورًا فعالًا في مراقبة الطرق المؤدية إلى القاهرة، ويتميّز برج الحداد بعدة عناصر معمارية وتاريخية، منها:

  • سبب التسمية: يُعتقد أن اسمه جاء من كونه كان يُستخدم كورشة لصناعة أو إصلاح الأسلحة، وربما كان يعمل فيه حدادون لصيانة المعدات الحربية.
  • الاستخدام الحربي: يُرجّح أنه كان مركزًا لصناعة الأدوات الحربية وتزويد الجنود بها أثناء الحصار أو المعارك.
  • تصميمه: يتميز بتصميمه الدائري، الذي يتيح مجال رؤية واسع وفعالية أكبر في المراقبة والدفاع.
  • أثره اليوم: لا تزال بعض بقايا الأدوات المعدنية القديمة تُعرض أحيانًا للسياح داخل البرج، مما يضفي عليه طابعًا تاريخيًا وثقافيًا فريدًا.

دور برجي الرملة والحداد بقلعة صلاح الدين الأيوبي في الحماية العسكرية للقلعة

لم يكن وجود برج الرملة وبرج الحداد في قلعة صلاح الدين مجرد عنصر معماري جمالي، بل جاء ضمن خطة دفاعية مدروسة بعناية لحماية القلعة وسكانها من أي تهديد خارجي، فهذان البرجان كانا يشكّلان خط الدفاع الأول، وساهما بشكل مباشر في تأمين مداخل القاهرة القديمة ومحيط القلعة، ومن أبرز أدوار البرجين الدفاعية والعسكرية ما يلي:

  • نقاط مراقبة مرتفعة: تم استخدام البرجين لمراقبة التحركات العسكرية للعدو من مسافات بعيدة، خصوصًا من جهة الصحراء والمناطق المفتوحة.
  • تنظيم الدفاع والتواصل: ساهما في تسهيل التواصل بين الجنود داخل القلعة وتنظيم رد الفعل السريع عند أي هجوم.
  • الطوابق العلوية: كانت مخصصة لتمركز الرماة والقذائف، مما أتاح تغطية واسعة للمنطقة المحيطة.
  • ممرات سرية: يُعتقد أن البرجين يحتويان على ممرات خفية تُستخدم للهروب أو نقل الإمدادات في حالات الطوارئ، مما يعكس ذكاء التصميم الدفاعي.

أساليب البناء والمواد المستخدمة في أبراج قلعة صلاح الدين

تميّز بناء برجي الرملة والحداد في قلعة صلاح الدين الأيوبي بالدقة والصلابة، حيث اعتمد المعماريون في تلك الحقبة على مواد محلية متوفرة، ولكنهم استخدموها بمهارة هندسية عالية، جعلت هذه المنشآت تصمد أمام تقلبات الزمن والحروب لمئات السنين، وقد كان الهدف الأساسي من البناء هو تحقيق القوة الدفاعية وليس الزينة، ومن أبرز أساليب البناء والمواد المستخدمة:

  • الحجارة الجيرية: تم استخراجها من جبل المقطم القريب، واستخدمت كأساس متين في تشييد الجدران والأساسات.
  • الطين والحصى: استُخدما كمواد داعمة لملء الفراغات وتقوية البنية الداخلية للجدران.
  • تصميم القباب: ساعدت القباب في توزيع الضغط الداخلي، مما عزز من تماسك البناء واستقراره.
  • تصريف المياه: تم تصميم نظام داخلي لتصريف المياه، ما ساعد في تقليل التآكل وحماية الأساسات من الرطوبة.
  • قلة الزخارف: لأن الطابع العسكري كان الغالب، جاءت الزخارف بسيطة ومحدودة، مع التركيز على الوظائف الدفاعية.

الحياة داخل برجي الرملة والحداد بقلعة صلاح الدين الأيوبي: ماذا كان يحدث يوميًا؟

لم تكن أبراج قلعة صلاح الدين الأيوبي، مثل برجي الرملة والحداد بقلعة صلاح الدين الأيوبي ، مجرد هياكل صامتة من الحجارة، بل كانت نابضة بالحياة والنشاط العسكري اليومي، كانت هذه الأبراج أشبه بمراكز عمليات مصغرة داخل القلعة، حيث احتضنت جنودًا، وأسلحة، ومؤنًا، إضافة إلى مهام يومية مستمرة تعكس الجاهزية الدفاعية القصوى، ومن أبرز مظاهر الحياة اليومية داخل البرجين:

  • تمركز الجنود: كان هناك تواجد دائم للحراس الذين يتناوبون في نوبات منتظمة لحراسة القلعة ومراقبة الأفق.
  • مخازن السلاح والمؤن: احتوت الأبراج على مخازن للأسلحة والذخائر وكمية كافية من الطعام والماء لمواجهة الحصار.
  • نقل الإشارات: تم استخدامها كنقاط لإرسال إشارات ضوئية أو دخانية عند رصد أي خطر.
  • أماكن للنوم: وُجدت أماكن نوم مؤقتة ومتواضعة للحراس لأخذ قسط من الراحة.
  • التدريبات العسكرية: أُقيمت تدريبات دورية للرماة داخل الممرات الضيقة، لضمان جهوزيتهم في أي لحظة.

المقارنة بين برج الرملة وبرج الحداد

رغم أن برجي الرملة والحداد بقلعة صلاح الدين الأيوبي يشتركان في الوظيفة العسكرية، إلا أن لكل منهما خصائص معمارية ووظيفية تميّزه عن الآخر، مما يعكس تنوع الأدوار الدفاعية في قلعة صلاح الدين الأيوبي، كلا البرجين شكّلا جزءًا من منظومة حماية محكمة، لكن تم تصميم كل واحد منهما ليلائم مهامه الخاصة ضمن موقعه الاستراتيجي، أبرز أوجه المقارنة بين البرجين:

  • الموقع: يتمركز برج الرملة في الجهة الشرقية من القلعة، ما يمنحه رؤية أوضح تجاه الصحراء الشرقية، في حين يقع برج الحداد شمالًا شرقيًا ويغطي زاوية أكثر اتساعًا.
  • الشكل والتصميم: يتميّز برج الحداد بتصميم دائري يزيد من فعالية المراقبة، بينما برج الرملة أكثر ارتفاعًا وأقرب إلى شكل شبه مستطيل.
  • الاستخدام: استخدم برج الحداد للصناعات العسكرية كتصنيع الأسلحة، بينما كان برج الرملة مخصصًا للمراقبة والإنذار المبكر.
  • الارتباط الداخلي: يحتوي كلا البرجين على ممرات سرية تربطهما بباقي أجزاء القلعة، لتسهيل الحركة ونقل الإمدادات.

أهمية برجي الرملة والحداد بقلعة صلاح الدين الأيوبي سياحيًا في الوقت الحاضر 

مع تطور السياحة الأثرية، أصبح لهذين البرجين مكانة مميزة في جولات الزوار.

  • يتم إدراجهما ضمن أهم نقاط الزيارة في القلعة.
  • تُنظم رحلات تعليمية لطلاب الآثار والعمارة.
  • تُعرض فيهما مقتنيات عسكرية تاريخية.
  • يوفران إطلالة بانورامية مذهلة على القاهرة.
  • يمثلان نقطة تصوير مشهورة لعشاق التاريخ والآثار.

وأخيرا، إن برجي الرملة والحداد بقلعة صلاح الدين الأيوبي ليسا فقط رمزًا للقوة العسكرية في العصور الوسطى، بل هما مدرسة معمارية وتاريخية مفتوحة لكل من يسعى لفهم عبقرية الماضي، الوقوف أمام هذين البرجين يجعلك تشعر وكأنك جزء من صفحة من صفحات المجد الإسلامي.

السابق
لوحة مومياوات الفيوم
التالي
قصر العظم في دمشق