تلك المدينة التي تحمل في أحشائها حكايات العصور الغابرة، وشاهدت صعود وانهيار العديد من الحضارات، تستحق أن نسلط عليها الضوء ونستكشف أسرارها.
تقع مدينة بصرى الشام في محافظة درعا جنوبي سوريا، وتبعد حوالي 40 كيلومترًا عن مركز المدينة و140 كيلومترًا عن محافظة دمشق، كما ترتفع عن البحر حوالي 850 متر مما يجعلها تتمتع بمناخ معتدل، وتتميز المدينة بموقعها الاستراتيجي على طريق القوافل القديم مما جعلها مركزًا تجاريًا وثقافيًا هامًا عبر العصور.
تاريخ عريق وحضارات متعاقبة
يعود تأسيس بصرى إلى عصور ماقبل التاريخ، وقد شهدت المدينة ازدهارًا كبيرًا في العصر الروماني عندما أصبحت عاصمة مقاطعة الأردن، ولا تزال آثار الحضارة الرومانية واضحة في المدينة حتى يومنا هذا، حيث يمكن للزائر رؤية المسرح الروماني الضخم وهو واحد من أكبر المسارح الرومانية المحفوظة في العالم، بالإضافة إلى العديد من الأعمدة والأقواس.
وبعد سقوط الإمبراطورية الرومانية أصبحت بصرى مركزًا دينيًا هامًا في العصر البيزنطي، وشهدت بناء العديد من الكنائس والأديرة، وفي العصر الإسلامي أصبحت بصرى الشام جزءًا من الدولة الأموية ثم العباسية، وقد شهدت المدينة ازدهارًا جديدًا في هذا العصر حيث بنيت فيها العديد من المساجد والقصور.
اقرأ أيضًا: تدمر … جوهرة الصحراء السورية
أهم المعالم أثرية في بصرى الشام
تتميز بصرى الشام بثرائها الأثري الكبير، حيث تضم العديد من المعالم الأثرية التي تعكس تاريخها العريق وحضاراتها المتعاقبة، ومن أهم هذه المعالم:
- المسرح الروماني: يعتبر من أضخم المدرجات الرومانية المحفظوظة بشكل جيد في العالم، ويعود تاريخ بناءه إلى القرن الثاني الميلادي خلال فترة ازدهار الإمبراطورية الرومانية، حيث تم بناؤه على تلة تطل على المدينة مما أتاح له سعة كبيرى وقدرة على استيعاب أعداد هائلة من المتفرجين حيث يتسع إلى حوالي 17 الف متفرج، كما كان المدرج يستخدم لإقامة المسابقات الرياضية والمبارزات، بالإضافة إلى العروض المسرحية والمهرجانات.
- الكاتدرائية البيزنطية: يعود تاريخ بناء الكاتدرائية إلى عام 512- 513 ميلادي، وهي واحدة من أقدم الكنائس التي بنيت على شكل مربع تقريبًا، كما استوحى منها تصميم الكثير من الكنائس الأخرى مثل كنيسة آيا صوفيا، كما تتميز بضخامتها حيث يبلغ طولها 51 مترًا وعرضها 27 مترًا، وتتكون من قبة ترتكز عليها ثمانية أعمدة وتحيط بها أقواس وأروقة.
- قلعة بصرى: بنيت هذه القلعة في العصر الإسلامي وتقع على تلة تطل على المدينة، وتحوي القلعة العديد من الابراج التي كانت تستخدم للمراقبة والدفاع، وكذلك الكثير من الخنادق والبوابات المحصنة وخزانات المياه لتوفير المياه لسكان المدينة في حالات الحصار.
- قوس النصر: يعود تاريخ بناء قوس النصر إلى القرن الثالث الميلادي،وتم بناؤه للاحتفال بانتصار القائد الروماني جوليوس جوليانوس، كما يتميز بعمارته المميزة حيث يتكون من ثلاثة أقواس أكبرهم في الوسط ويزينها نقوش وتماثيل.
- باب الهوى: يعد من أقدم الأبواب الرومانية الباقية في المنطقة، وكان باب الهوى البوابة الرئيسية لمدينة بصرى الشام، حيث كان يستخدم لدخول وخروج التجار والحجاج والمسافرين، ويتميز باب الهوى بعمارته المميزة فيتكون من عقدين متداخلين ويستندان إلى ركائز مزينة بمحاريب.
- سرير بنت الملك: بالرغم من اسمه الشائع فإن سربر بنت الملك ليس سريرًا بالمعنى الحرفي للكلمة، بل هو عبارة عن بناء أثري ضخم يتكون من أعمدة شاهقة يصل ارتفاع بعضها إلى 18 مترًا، وتزينها تيجان على النمط الكورنثي وقواعد ضخمة تدعم الأعمدة وتشكل أساس البناء، فضلًا عن الجدران المزخرفة.
للتعرف على المزيد من معالم مدينة بصرى يمكن زيارة الرابط التالي من هنا
في الختام، نكون قد تعرفنا على مدينة بصرى الشام مدينة الأسرار والحكايات التي يوجد في كل ركن من أركانها قصة ترويها الحجارة والأبنية، فإذا كنت تبحث عن وجهة سياحية تجمع بين التاريخ والثقافة والجمال الطبيعي فإن بصرى الشام هي الخيار الأمثل.
