أماكن سياحيه

تدمر … جوهرة الصحراء السورية

عروس البادية

تعتبر تدمر المعروفة أيضًا باسم بالميرا، وحدة من أبرز المواقع الأثرية في العالم، وهي جوهرة الصحراء السورية التي تحمل في أحشائها تاريخًا عريقًا وحضارة مزدهرة.

تقع تدمر في وسط سوريا في محافظة حمص، على بعد حوالي 215 كيلومترًا شمال شرق دمشق، في واحة محاطة بأشجار النخيل، ويطل عليها سلسلتان من الجبال وهما السلسة الشمالية هي هضبة حلب / سلسة الجبال التدمرية/ والجبال التدمرية الجنوبية من الجهة الجنوبية الغربية، أمّا من الجنوب والشرق تواجه مدينة تَدمر البادية السورية.

تاريخ تدمر واكتشافها

يعود تاريخ تَدمر إلى العصر الحجري الحديث، وورد ذكرها في السجلات التاريخية للمرة الأولى في الألفية الثانية قبل الميلاد، انتقلت المدينة في تلك الفترة بين أيدي عدة دول حاكمة إلى أن انتهى بها المطاف تحت سلطة الإمبراطورية الرومانية في القرن الأول الميلادي، وازدهرت تدمرَ في النصف الثاني من القرن الأول قبل الميلاد وتحولت إلى مركز تجاري مهم على طريق الحرير مما جعلها ثرية وقوية.

وفي القرن الثالث الميلادي أصبحت تَدمر مملكة مستقلة تحت حكم الملكة زنوبيا التي تحدت الإمبراطورية الرومانية.

ويمكننا القول إن اكتشاف تدمرَ لم يكن مفاجئًا، بل كانت معروفة منذ القدم ومع ذلك ازداد الاهتمام بها في العصر الحديث مع بدء عمليات التنقيب الأثرية في القرن الثامن عشر، وزاد الاهتمام بتدمر بشكل كبير بعد اكتشاف آثارها الضخمة والمعابد والقصور والأسوار التي تعكس مدى تطور الحضارة التي كانت تزدهر فيها.

عراقة التاريخ التدمري

اقرأ أيضًا: سوق الحميدية.. قلب دمشق النابض

من حكم تدمر؟

حُكمت تدّمر من قبل العديد من الحضارات والشعوب على مر العصور ومن بينها:

  • الحثيون: في الألفية الثانية قبل الميلاد.
  • الأكاديون: في الألفية الثانية قبل الميلاد.
  • الآراميون: في الألفية الأولى قبل الميلاد.
  • البارثيون: في القرن الاول قبل الميلاد.
  • الرومان: من القرن الأول إلى القرن الثالث الميلادي.
  • زنوبيا: ملكة تدمر والتي أسست مملكة مستقلة في القرن الثالث الميلادي.
  • البيزنطيون: بعد سقوط مملكة زنوبيا.
  • العرب: بعد الفتح الإسلامي.
أثار تدمر الخالدة

اقرأ أيضًا: عن تدمر من هنا

أهم أثار تدمر

تضم تدمرَ العديد من الآثار الضخمة والمعقدة التي تعكس مدى تطور الحضارة التي كانت تزدهر فيها، ومن أهم هذه الآثار:

  • قوس النصر: يعد قوس النصر أحد أشهر معالم تدمرَ وهو تحفة فنية معمارية فريدة من نوعها، بني هذا القوس في القرن الثاني الميلادي تكريمًا للإمبراطور الروماني سبتيموس سيفيروس، حيث يمثل بوابة المدينة الرئيسية ويتميز القوس بتصميمه الفريد الذي يجمع بين العناصر الرومانية والآرامية، كما يتكون من ثلاثة أقواس رئيسية تزينها نقوش وتماثيل رائعة، ويقع قوس النصر في بداية الشارع الرئيسي للمدينة.
  • معبد بل: يعد معبد بل أهم مبنى ديني في تدمر، وكان مخصصًا للإله بل إله الشمس عند الآراميين، بُنى المعبد في القرن الأول الميلادي ويتكون من ساحة كبيرة محاطة بأعمدة، ومنطقة مقدسة تضم مذبحًا وخلية، ويتميز المعبد بجمال هندسته المعمارية وزخرفته الغنية.
  • الشارع المستقيم: يمتد الشارع المستقيم على مسافة كيلومتر واحد تقريبًا؛ ويشكل الشريان الرئيسي للمدينة، وكان هذا الشارع مزدحمًا بالمحلات التجارية والحانات كما كان يمثل مركزا للحياى التجارية والإجتماعية في تدمر، كما تحيط بالشارع أعمدة ضخمة تزينه وتضفي عليه طابعًا ملكيًا.
  • المسرح: يعد المسرح الروماني في تدّمر من أكبر المسارح في العالم، وكان يستخدم لعرض المسرحيات والمبارزات، ويتميز المسرح بجمال هندسته المعمارية وقدرته على استيعاب عدد كبير من المتفرجين، كما يقع في مكان مرتفع يطل على المدينة مما يوفر إطلالة بانورامية رائعة.
  • المقابر: توجد في تدمرَ مقابر ضخمة منحوتة في الصخور، تعكس الفن المعماري المتطور في المدينة، وتزين هذه المقابر نقوش وتماثيل رائعة كما تشهد على اعتزاز سكان تدمر بموتاهم.
  • وادي القبور: وهو عبارة عن متحف مفتوح يقع على بعد كيلومتر واحد شمال المدينة، وهو عبارة عن سلسلة من المقابر المنحوتة في الصخور، وتتميز مقابر وادي القبور بتنوع أشكالها وأحجامها.
  • قلعة ابن معن: بُنيت قلعة ابن معن في العصر الإسلامي، وتقع على تل يطل على المدينة وكانت القلعة التي تستخدم لحماية المدينة من الغزاة، كما تشهد على أهمية تدمر الاستراتيجية.
المعابد الأثرية التدمرية

أهمية تدمر التجارية والتاريخية والاقتصادية

كانت تَدمر ولا تزال تحتل مكانة بارزة في التاريخ الإنساني، فموقعها الاستراتيجي على طريق الحرير الذي كان يشكل شريان التجارة بين الشرق والغرب، كما جعل منها محطة حيوبة للتبادل التجاري والحضاري.

تاريخيًا: كانت تدّمر مركزًا سياسيًا واقتصاديًا مهمًا في العصور القديمة، حيث أسست امبراطورية تمتد من بلاد الشام إلى مصر، وقد برزت المدينة بفضل ثرائها الهائل الذي اكتسبته من التجارة، وبفضل عمارتها الفريدة التي تمزج بين التأثيرات الشرقية والغربية.

تجاريًا: كانت تَدمر تشتهر بتجارة القوافل التي تحمل البضائع الثمينة مثل الحرير والتوابل والأحجار الكريمة، وقد ساهمت هذه التجارة في تنيمة المدينة وزيادة نفوذها في المنطقة.

اقتصاديًا: كانت تَدمر تعتمد بشكل أساسي على الزراعة والرعي والتجارة، وقد ساهمت وفرة المياه في المنطقة في ازدهار الزراعة مما جعل المدينة قادرة على توفير الغذاء لسكانها وللقوافل التجارية التي تمر بها.

دور تدمر الاقتصادي

زنوبيا ملكة تدمر سيدة الصحراء

ولدت زنوبيا في تَدمر وتزوجت من الملك أذينة الذي توفي مبكرًا وتولت مقاليد الحكم بعده نيابة عن ابنها الصغير، وسرعان ما أثبتت كفاءتها وقدرتها على القيادة، كما استطاعت بتبصرها وحكمتها أن توسع حدود مملكتها لتشمل أجزاء واسعة من بلاد الشام ومصر، مما جعل منها قوة إقليمية لا يستهان بها، ومن أبرز إنجازاتها:

  • توسيع نفوذ المملكة: استطاعت زنوبيا بفضل سياستها الحكيمة وجيشها القوي أن تحقق انتصارات عسكرية كبيرة، مما أدى إلى توسيع نفوذ تدمر وجعلها قوة إقليمية.
  • إحياء الحضارة: اهتمت زنوبيا بإحياء الحضارة في تَدمر فشجعت العلوم والآداب وأنشات مكتبات ضخمة، مما جعل المدينة مركزًا ثقافيًا هامًا.
  • التحدي الروماني: كانت زنوبيا أول امرأة تتحدى قوة الإمبراطورية الرومانية، حيث استطاعت أن تقاومها لسنوات عديدة قبل أن تسقط في الأسر.
ملكة تدمر

في الختام، يمكننا القول أن هذه المدينة العريقة التي شيدتها أيادي الحضارات المتعاقبة لاتزال تحتفظ بسحرها وجمالها الآخاذ رغم كل ما تعرضت له مؤخرًا، فهي أكثر من مجرد مدينة أثرية بل هي شاهدة حية على عظمة الإنسان وإبداعه وعلى قدرة الحضارات على الازدهار والتطور.

السابق
محافظة الجيزة
التالي
بصرى الشام … لؤلؤة الجنوب السوري